الهجوم الصاروخي على دولة الإمارات في صباح 31 يناير كان الهجوم الثالث مما أصبح "هجوما إسبوعيا" على الأراضي الإماراتية من قبل الجماعات الحوثية الإرهابية كسابقه من الهجمات، فإن الصواريخ تم اعتراضها من قبل الدفاع الجوي الإماراتي كما أدى إلى هجمات فورية دمرت المنصات الصاروخية التي انطلقت منها الهجمات في منطقة الجوف في شمال اليمن.
بالنظر إلى قدرات الدفاع الجوي الإماراتي (أول دولة خليجية تستخدم منظومة ثاد للدفاع الجوي) إضافة إلى مسافة الطيران التي تحتاجها الصواريخ الحوثية بين الجوف والإمارات والتي تحد من نوعية الصواريخ التي يمكن استخدامها، فلن يغيب على الحوثيين أن الدفاعات الجوية الإماراتية قادرة على التصدي لصواريخهم. وعليه فإن تكرار الهجمات لن يحقق أي أهداف عسكرية حقيقية، وبالتالي فإن أهداف الهجوم قد لا تكون بالفعل عسكرية.
تقييم الأهمية العسكرية للهجمات
- لم تحقق الهجمات أي مكاسب عسكرية للحوثيين حتى الآن. فلا هي أوقفت عمليات التحالف ضد الحوثيين، كما أنها لم توقف الاشتباكات في جبهات القتال المختلفة كما أنها أيضا لم تؤد إلى حل ألوية العمالقة كما طالبوا. الشيء الوحيد الذي يستطيع الحوثيون ادعاءه هو قدرتهم على توسيع مسرح عملياتهم ليتضمن الإمارات وهو ادعاء ليس بجديد.
- الهجمات أدت إلى عودة انخراط الإمارات في تنفيذ هجمات جوية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
- الهجمات الحوثية أدت إلى موجة من الدعم الدولي الواسع للتحالف وهو ما أدى إلى دعم تنفيذ هجمات في مدن مثل صنعاء والحديدة وهي مناطق تحاشاها التحالف لما يزيد عن عامين.
- فشلت الهجمات في التأثير على أي بنية تحتية في الإمارات، كما أنها لم تؤثر حتى على الحياة اليومية في مختلف مدن الدولة.
- غير أن الهجوم وضح مدى خطورة الترسانة الصاروخية للحوثيين وتطورها منذ بدء الحرب ما يوضح مخاطر توسيع مدى الصواريخ الحوثية والتي تسمح لها بتهديد دول أخرى مشاركة في التحالف أو داعمة لعملياته مثل اريتريا والسودان ومصر والبحرين. كما أن الحوثيين قد هددوا بشكل متكرر إسرائيل رغم أنهم لم ينفذوا أيا من تلك التهديدات.
القيمة الدعائية للهجمات
إن غياب القيمة العسكرية للهجمات الحوثية المتكررة يوضح أنه يتم استخدامها لتحقيق أهداف سياسية وليست عسكرية، وهو ما يفسر صفات الهجمات الدعائية مثل:
- لقد اختار الحوثيون وبشكل متعمد يوم الإثنين لثلاثة هجمات متعاقبة وذلك في توقيت اسبوعي للهجمات. ويهدف ذلك الاختيار إلى خلق رتم محدد للهجمات وتأثير أشبه بالارتباط الشرطي لبافلوف. ويهدف هذا التكتيك إلى خلق درجة من الترقب والمخاوف التي يمكن أن تضاعف حجم أي هجوم مهما صغر حجمه وتأثيره.
- استخدم الحوثيون الهجوم بشكل مستمر لتحذير رجال الأعمال والسياح لمغادرة الإمارات كما ادعوا استهداف إكسبو 2020 وبرج خليفة وحتى نشر شائعات حول تفجيرات في موقع إكسبو وجميع ذلك جزء من "تكتيكات الرعب". وقد تم دعم تلك الادعاءات من قبل مواقع تدعم الحوثيين بما في ذلك في إيران ولبنان والعراق.
- هجمات 31 يناير استخدمت التزامن مع زيارة الرئيس الإسرائيلي للإمارات كعذر للهجوم وهو جزء من طرح المعادي لليهود والأمريكيين الذي يستخدمه الحوثيون في صرخته ويهدف إلى الحصول على تعاطف من قواعد مناصريهم من المتشددين.
نتائج الهجمات الحوثية
هناك عدة نتائج للهجمات الحوثية الثلاثة وربما لا تكون النتائج التي أمل الحوثيون لتحقيقها.
- ساهم الحوثيون في ترسيخ أهمية وضع انتشار تقنيات الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة المهاجمة على أجندة الأمن الإقليمي والدولي. وسيقود ذلك جهود المجتمع الدولي للتصدي لتلك الظاهرة الخطيرة وسيكون الحوثييون في قلب ذلك الجهد. إن الخطر الذي واجهه العالم بامتلاك مجموعة مثل طالبان لصواريخ ستينغر أثناء نشوء القاعدة سيكون أمرا بالغ السهولة مقابل امتلاك الحوثيين صواريخ بالستية وطائرات مسيرة مهاجمة بعيدة المدى
- وفر الهجوم دعما دوليا غير مسبوق لهجمات التحالف في مدن مثل صنعاء وذلك ضد أهداف مشروعة وبموجب القانون الدولي، وهو دعم كان يتحاشى المجتمع الدولي تقديمه منذ فترة طويلة.
- دور ميناء الحديدة عادة ليتصدر واجهة عمليات التحالف. فالثقة التي منحها اتفاق ستوكهولم للحوثيين قد فقدت أسسها بشكل كبير بسبب قضايا مثل سفينة صافر وخطف سفينة الروابي واستخدام ميناء الحديدة كأساس لتهريب قطع الصوارخ. إن الحديدة أصبحت بشكل واضح ممكن رئيسي لتطوير برنامج الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة الحوثية لتبلغ ما بلغته اليوم.
- بشكل أكبر فإن الهجمات الأخيرة أعادت طرح مخاطر الجماعات المسلحة التي تعمل خارج إطار الدولة كأحد أبرز مخاطر الأمن الدولي. وفي حين أن تصنيف تلك المجموعات كمجموعة إرهابية قد يكون حلا مؤقتا فإن المجتمع الدولي، لاسيما مجلس الأمن الدولي، يحتاج للنظر إلى انتشار المجموعات المسلحة خارج الدولة بشكل أكثر شمولا.