ومن حقنا أن نحتفي بهم جميعاً، لأنهم المرآة التي ترى القيادة الرشيدة من خلالها المستقبل الواعد الذي رسمته من خلال تمكينهم والثقة بهم، حتى يغدون قادة يشاركون رؤاهم الشبابية الجميع، ويعلمون الأجيال الجديدة أنه لا وجود للمستحيل في قاموس دولة آمنت بالشباب.
فمع انطلاقة مبادرة الخلوة الوطنية حول الشباب، التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم – نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي – عبر حسابه في تويتر في أواخر شهر سبتمبر الماضي، والتي بدأت وقائعها في الثالث من شهر أكتوبر الجاري وكانت تحت قيادة وإشراف خاص من معالي شما المزروعي – وزيرة الدولة لشؤون الشباب.
منح سموه جميع مستخدمي منصة تويتر، فرصة مشاركة الشباب بأفكارهم ومقترحاتهم حول كيفية تمكين الشباب وتفعيل أدوارهم في شتى المجالات المختلفة عبر وسم #الحوار_الوطني_حول_الشباب، في جلسة عصفٍ ذهني افتراضية. فازدحمت منصة تويتر بكم هائل من الأفكار والمقترحات التي قدمها أفراد من مختلف شرائح المجتمع الإماراتي خلال ستة أيام من تاريخ إعلان سموه عن المبادرة.
اجتمع الشباب بعد انتهاء مدة العصف الذهني على مدار يومين متتاليين حول طاولات النقاش المختلفة والتي حملت بين أوراقها اتجاهات وأجندات مختلفة وضعت بين أيديهم كي يتمتعوا بكامل الحرية في الحوار حول أفكار ومقترحات أطلقوها من كيانهم الناضج بروح العزيمة والباحث عن الأفق الذي يسعى للوصول إليه باكراً. وتمت صياغة المقترحات من تويتر بين عدد من الفرق الشبابية المقسمة حسب المجال المراد تناوله ومعالجة الأفكار المتعلقة به في خلوة شبابية جمعت الشباب وجهاً لوجه تحت سقفٍ واحد، وبتشجيع من الشخصيات القيادية والمؤثرة في دولة الإمارات التي زارت الخلوة الشبابية للاطلاع على سيرها، ومشاركة الشباب بأفكار من باب خبراتهم القيادية الطويلة.
ومع تشريف سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بصحبة أبناءه الشيخ حمدان بن محمد والشيخ مكتوم بن محمد، وأشقاءه من أصحاب السمو الشيخ منصور بن زايد والشيخ سيف بن زايد – حفظهم الله -، خرج الشباب بحصاد أجندتهم الوطنية الخاصة، وهي أجندة الشباب الإماراتي، التي شاركوا في وضع وصياغة أفكارها بأنفسهم، والتي تعكس مؤشراً قوياً على مشاركتهم الفعالة والتواصل المؤثر والإيجابي فيما بينهم.
ومن أهم ما تضمنته، سياسة تفعيل الشباب في المؤسسات والوزارات من خلال مجالس تخصصية يتحاورون فيها مع أفراد من اختصاصات مختلفة والاستفادة من خبراتهم، والأخذ بآرائهم لمجالس الإدارة المؤسسية، وإنشاء مجالس عالمية للشباب التي تهتم بالاطلاع على أهم الممارسات العالمية ونقلها للإمارات، ومنصة تفاعلية تجمع حكومة الإمارات والشباب للعمل على المبادرات. إضافة إلى تمكين الشباب في مجال ريادة الأعمال عبر خطة وطنية تشمل 63 مؤسسة تعنى بريادة الأعمال، بإنشاء مجلس استشاري لريادة الأعمال ومنصة للتمويل الجماعي وشبكة رواد الأعمال الشباب، وتمكينهم ثقافياً وإبداعياً وإعلامياً، بإنشاء مركز الشباب للإبداع، ومركز الشباب للإعلام ومركز الشباب للثقافة.
نجاح خلوة الحوار الوطني للشباب، هو نتاج جد واجتهاد شبابها الذين سهروا الليالي في التحضير لمثل هذا الحدث الشبابي المهم. وقد يكون مفتاح تطرق على بابه جلسات عصف ذهني متوقعة في السنوات القادمة، كجلسة العصف الذهني التي اجتمع بها عدد من الشباب مع الشيخ محمد بن راشد في العام 2014 في إطار مناقشة المواضيع المتعلقة بالتعليم والصحة ووضع الحلول والمقترحات المناسبة له. وخلوة المائة التي بحثت مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وهي مبادرة عام القراءة، رغبةً من حكومة دولة الإمارات في استحداث أساليب جديدة لمشاركة المجتمع القيادة في نقاشها حول القضايا الوطنية الرئيسية
فمبادرات العصف الذهني أرادها سموه أن تكون خارجة عن المألوف، كمبادرات فريدة من نوعها ولم تحدث في أي دولة مسبقاً، مرتكزة على معايير وطنية داعمة للشباب، وتوجههم إلى الطريق الصحيح في القيادة وتحمل المسؤولية في ريعان شبابهم، لأنهم يمثلون الأعمدة الأساسية الثلاث لصناعة قيادة قوية، وهي الحياة والأمل والمستقبل. ولأنهم على حد تعبير سموه هم الإنجاز الأكبر لدولة الإمارات.
فهل يمكن أن نرى مبادرات العصف الذهني مستقبلاً يتكون أعضاءها من طلبة المدارس؟ ولم لا؟
فاجتماع مجلس الوزراء الذي عُقدَ منذ أيام قليلة في مدرسة فاطمة بنت مبارك بإمارة رأس الخيمة، وبحضور عدد من الطلبة المتفوقين والمتميزين من حظوا بفرصة الاجتماع مع الشيخ محمد بن راشد في سنهم المبكرة، واجتماع وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي مع عدد من طلبة الجامعات والمؤسسات التعليمية في العام 2012 في تنظيمها لمنتدى "بناء الوعي السياسي لطلاب الجامعات"، كانتا تجربتين ناجحتين ومتميزتين بغرض إشراك الشباب اليافع في اجتماع القادة الاستثنائيين.
وبما أن خلوة الشباب أثبتت نجاحها وتفوقها ميدانياً واجتماعياً مع الشباب، فستنجح دون أدنى شك مع الأجيال المبكرة من الشباب الصغار الذين بدأوا خطواتهم الأولى في سلم العلم، لتقويم فكرهم وتعريفهم بالحياة القيادية وتعليمهم معنى تحمل المسؤولية في سن مبكرة، وهي فرصة لهم بالاجتماع مع القيادات الشبابية للتعلم منهم وصقل مهاراتهم لوضع خطة مستقبلية لهم يمشون عليها وهم يتابعون تعليمهم، إلى أن يصلوا إلى مرحلة تكونت لديهم معرفة مسبقة بما يودون تحقيقه مستقبلاً. فهم بحاجة إلى الدعم المعنوي وحثهم على الإبداع فيما يمارسوه، ليتمكنوا من إدارة أنفسهم في المراحل الأولى من حياتهم، وتتضح لهم معالم مستقبلهم بناءً على خطة رسموها في أذهانهم لتؤهلهم أن يكونوا قياديين يؤدون واجبهم على أكمل وجه، ومحافظين على قيم دولة الإمارات وهويتهم الوطنية.
كما يمكن أيضاً اعتماد شهادات في الإبداع توازي شهادة الخبرة في أي مجال عمل كان، لمن مارسوا بعض الأعمال المستقلة والأنشطة المختلفة سواءً في مجال التطوع أو التدريب المهني وأبدعوا فيها، لتكون نقطة بداية لهم للعمل في بيئة عمل تحفزهم على الابتكار والإبداع، أكثر من قضاء الوقت في وظيفة روتينية مملة تتبخر فيها المهارات والإبداعات.
كلنا ثقة في شباب الإمارات بمختلف أعمارهم وتوجهاتهم، والقيادة هي شرف الريادة والتقدم لمن لا يعرف المستحيل.