يمكن القول أنّ العام 2020 كان أيضاً من الأعوام الثقيلة ليس فقط على المنطقة العربية بل على شعوب العالم أجمع. علينا الاعتراف أنّ من سَكَنَ الامارات شَعَر بقسوة هذا العام بشكل أقلّ، نحن لم نعاني من شحّ الغذاء أو الدواء أو مستلزمات الحماية الصحية ولم نلتزم المنازل لفترة طويلة حتى كدنا أن نفقد عقولنا، كما لم نواجه كارثة صحية في مشافي الدولة أو على كوادرها الطبية مثل دول أخرى. واليوم نحن من الدول القليلة المحظوظة في استقبال حمولات اللقاح سواء اللقاح الصيني أو الأمريكي أو اللقاحات الأخرى التي قد تتم الموافقة عليها تباعاً. صحيح أنّ سكان الإمارات عانوا من تبعات الوباء الصحية في حال إصابتهم بالفايروس والاقتصادية في حال فقدوا عملهم لكن حتماً كانت الحياة في ظلّ الإمارات آمنة صحياً بشكل خاص من أيّة دولة أخرى في العالم. لقد توافر العلاج لمرضى كوفيد-19 بالمجان للجميع وتوافرت الأسرّة في المشافي للجميع وانتشرت عبارة الشيخ محمد بن زايد ال نهيان “لا تشلّون همّ” في كل مكان تاركة غصّة فرح وشكر لدى الكثير من المواطنين والمقيمين، قد تكون الجملة بسيطة جداً، لكن بالنظر لتلك الحقبة الأليمة والمخيفة فعلاً، فقد كانت في مكانها شافية. قال لي أحدهم: الإمارات هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي إذا وَعد حكامها نصدّق فعلاً أنهم ينوون الوفاء بوعودهم، وهي الدولة الوحيدة التي إذا شاهدت إعلان “لا مستحيل” فإنّك لا تقرأه باعتباره عنوان فارغ للاستهلاك العبثي فهي بالنهاية قامت بالمستحيل خلال خمسين عام. الكثير من الناس يتوافدون للإمارات بخطط للبقاء سنتين أو خمس سنوات ويمضون عمراً فيها، هناك أسباب ذاتية وأخرى موضوعية، وأما الأسباب الذاتية فليس لنا تقييمها، لكن الأسباب الموضوعية نعرفها ونفهمها، وهي وجود حياة واضحة بقوانين واجبك احترامها وواجبها احترامك، وهي الشعور بوجود إمكانية للنمو والتطور الشخصي في بلد يختلف مساءها كل يوم عن صباحها.
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تحدث عن إنجازات خمسة عشر عاماً بكل تواضع لكن بكل فخر وبكل عزم لتحقيق المزيد، هذا القَدر من العزّة وهذا الإيمان الراسخ بامتلاك الأدوات والمواهب اللازمة لتحقيق الأحلام، وهذه الثقة بأنّ الإرادة تحقق ما لم يحقق غيره يجعل العيش في الإمارات نعمة قد يصعب على الغرباء أحياناً فهمها.
عام 2003 كان صعباً وعام 2011 كان أليماً وعام 2020 كان مخيفاً لكن في كل عَقد من هذه العقود كانت الإمارات تعمل بهدوء أحياناً وبضجيج لَفَتَ العالم أحياناً أخرى، ونتمنى لها ولجميع المعنيين برفاهها عام جديد يملئ الدّنيا ضجيجاً.