الثلاثاء, 23 أبريل, 2024

أوبك ودول مجلس التعاون الخليجي والتغيرات الاقتصادية

لم يستغرب محللي الطاقة عندما أعلن مساء الخميس الماضي أن 24 دولة من الدول المنتجة للنفط - 13 أوبك و 11 من غير الأوبك، وافقت بالإجماع على تمديد القيود المفروضة على الإنتاج المتفق عليها في نوفمبر الماضي حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل. وأصر وزير الطاقة الإماراتي معالي سهيل المزروعي على أن "الجميع متفقون".


لم يستغرب محللي الطاقة عندما أعلن مساء الخميس الماضي أن 24 دولة من الدول المنتجة للنفط - 13 أوبك و 11 من غير الأوبك، وافقت بالإجماع على تمديد القيود المفروضة على الإنتاج المتفق عليها في نوفمبر الماضي حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل. وأصر وزير الطاقة الإماراتي معالي سهيل المزروعي على أن "الجميع متفقون".
ويبدو أن منتجي النفط، بما في ذلك روسيا، يأملون في أن تساعد القيود المفروضة ذاتيا لمدة تسعة أشهر إضافية على استنزاف الفائض في الاحتياطيات النفطية العالمية، بل ستزيد أيضا من دعم أسعار النفط وإنشاء منصة لرفع أسعار الطاقة المتجددة.


"النفط الصخري"


وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، تكهن المحللون بشأن الأسباب الكامنة وراء استمرار انخفاض أسعار الطاقة وما يترتب على ذلك من انخفاض في عائدات النفط، على الرغم من المبادرات المختلفة لوقف الأسعار المتدنية. وقد أجمعت العديد من هذه التقييمات على أن منتجي دول مجلس التعاون الخليجي، بقيادة المملكة العربية السعودية، وافقوا على الحفاظ على الإنتاج عند مستويات قياسية في نوفمبر 2014، وذلك بهدف إجبار منتجي النفط الصخري على الخروج من السوق. في ذلك الوقت، في حين اعتبر النفط الصخري مربحا في أمريكا الشمالية على وجه التحديد بسبب ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ فوق 100 دولار للبرميل، يبدو أن الانخفاض السريع ولكن المؤقت في عائدات النفط سيجعل إنتاج الصخر الزيتي غير قادر على المنافسة. وكان من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تمكين المنتجين الخليجيين، ليس فقط من الحفاظ على حصصهم في السوق وربما توسيعها، ولكن في الوقت نفسه، التمكن من إعاقة المنافسة في أمريكا الشمالية.


ولكن من الواضح أن الأمر لم يكن كذلك. وأظهر منتجو ما يسمى "بالنفط الصخري" المستخرج من الصخر الزيتي في أمريكا الشمالية أنهم أيضا يستطيعون أن يزدهروا في عالم يبلغ فيه سعر النفط 50 دولارا للبرميل الواحد. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، تمكن منتجو النفط الصخري الأمريكي من تقليص التكاليف وتسريع الحفر في الوقت نفسه، مما يدل على أن إنتاج الصخر الزيتي يمكن أن يستجيب بسرعة أكبر لتغير ظروف السوق بشكل أكبر من المنتجين التقليديين في الخليج وروسيا وذلك بتغيير مستوى الانتاج حتى في فترات اخطار أقصر نسبيا.
وقد دفع هذا المحللين إلى النظر في كيفية قيام منتجي الخليج على وجه الخصوص بالتأقلم مع أسعار النفط في نطاق 40 دولارا إلى 60 دولارا لبعض الوقت. كانت هناك أيضا تكهنات هذا الأسبوع أن تسعة أشهر أخرى من القيود على الإنتاج قد لا تأتي بالنتائج المرجوة التي يفترضها المحللون.


الأهداف الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي


لا يزال الكثير من النقاش الاقتصادي حول عائدات النفط المنخفضة مستمرا من حيث تصورات الصعوبات الاقتصادية لدول الخليج التي يفترض أنها لا تزال تعتمد اعتمادا كبيرا على مبيعات الطاقة من أجل صحة صناديق الصرف الوطنية. وفي هذا السياق، من المألوف أن يشير المعلقون على الطاقة إلى أنه بدون وجود الدخل الكافي من النفط، فإن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص، تواجه خطر ليس فقط من منطلق استمرار التقشف الاقتصادي بل عدم الاستقرار السياسي أيضا. ويواصل بعض المعلقين أيضا القول بأن هناك اتفاقا غير معلوم بين الحكام والمحكومين يقتضي بأن تحتفظ قيادات الخليج بقوتها وحقها في الحكم، على أساس تقديم إعانات اقتصادية سخية من المهد إلى اللحد لشعوبها.


وسعيا لتحقيق هذا العهد، قام بعض المحللين بتقييم أسعار التعادل المالي المقررة لمختلف البلدان المنتجة للنفط، والأثر الاقتصادي الذي لا تزال تحدثه أسعار النفط دون 50 دولارا للبرميل على صناديق الثروة السيادية والاحتياطيات المالية الأخرى. ويوضح الرسم البياني النموذجي الذي أعده صندوق النقد الدولي في العام الماضي هذا الافتراض جيدا، بأنه بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي فإن الكويت وحدها قادرة على الموازنة بين ميزانيتها وأسعار النفط دون 60 دولارا للبرميل.


ومع ذلك، في حين أن الافتراض الذي يربط عائدات النفط بالرفاه المالي ربما يكون له ما يبرره خلال الحقبة التي كانت فيها دول الخليج ترفض بشكل روتيني مجرد "الاقتصادات الريعية"، فإن تحليل التخطيط الاقتصادي الأخير في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي يشير إلى أن انخفاض عائدات النفط على مدى السنوات الثلاث الماضية قد لا يكون سببا للقلق البالغ الذي يعلنه بعض المعلقين.
وبكاد يكون من المؤكد أنه من قبيل المصادفة أن إعلان وكالة موديز للتصنيف الدولي جاء في نفس اليوم الذي عقد فيه اجتماع أوبك من هذا الأسبوع، حيث أنها غيرت تقييمها للتوقعات الاقتصادية لأبوظبي من "سلبية" إلى "مستقرة" وعلقت على الطريقة التي خفضت بها الإمارة الإنفاق الحكومي بنسبة 23٪ على مدى العامين الماضيين على النحو التالي: "استجابة فعالة وواسعة النطاق للسياسة تجاه البيئة النفطية المنخفضة". وتابعت موديز مشيرة إلى أن الإمارات انتقلت إلى خفض الدعم ورفع الأسعار عبر مجموعة كاملة من المرافق بما في ذلك الوقود والكهرباء والمياه.


وفي المملكة العربية السعودية، وفي ظل رؤية الأمير محمد بن سلمان "الرؤية السعودية 2030"، بدأ المخططون الاقتصاديون في المملكة أيضا في خفض الدعم؛ ورفع الأسعار، والتركيز على تنمية اقتصاد غير نفطي في المستقبل.
ووفقا لهذه الخلفية بشأن إعادة الهيكلة الاقتصادية، يقترح أن يكون سعر النفط الذي يتراوح بين 40 و 60 دولارا أمريكيا في الواقع، بعيدا عن كونه أزمة في الطاقة كما يصورها بعض المعلقين، بل يساعد حكومات الخليج لإقناع سكانها بالحاجة إلى مواءمة السياسة الاقتصادية بشكل أوثق حتى تتمكن دول الخليج الغنية من التنويع وتبعا لذلك زيادة التأثير في النشاط الاقتصادي غير النفطي.
في وقت مبكر من عام 2013، أظهرت الأبحاث التي أجرتها غلف نيوز في الإمارات أن كل أربعة من أكبر اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تستفيد من مساهمات غير نفطية كبرى في اقتصاداتها، بصورة أكبر من الاستفادة من النفط.
وهذا اتجاه يتزايد في جميع أنحاء المنطقة ويؤكد على التوجه داخل دول مجلس التعاون الخليجي لضمان استمرار الاقتصادات الوطنية في التنويع بعيدا عن الاعتماد على النفط، وفي الوقت نفسه، تبني الفرص الناشئة من مصادر الطاقة المتجددة.
وفي حين أنه قد يعتبر نوع من التهور محاولة التنبؤ بشأن إلى أين تتجه أسعار الطاقة على مدى السنوات الخمس المقبلة، يبدو أن القادة التقدميين في الخليج العربي يرون أن تقلص عائدات النفط يشكل فرصة أكثر منها تهديد. فإن انخفاض الإيرادات يساعد القيادات على تبرير التغييرات الهيكلية الاقتصادية لشعوبها، وليس فقط كفرصة للاقتراب أكثر إلى المعايير العالمية ولكن أيضا لأنها تساعد القادة على تشجيع السكان على تبني التغيير وتطوير اقتصادات المعرفة في القرن الواحد والعشرين، لا لأنهم محظوظون بما فيه الكفاية لأنهم ولدوا في أرض تفيض بالنفط تحت أقدامهم ولكن لأن هذه الدولة هي الآن على استعداد لتشجيع ومكافأة رجال الأعمال وأولئك الذين على استعداد لقبول تحديات بناء مصادر جديدة للثروة الوطنية.
ويبدو أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي تعترف الآن بأن عائدات النفط الزائدة هي لعنة أكثر منها ميزة. وإذا كان المواطنون الأفراد سيقبلون خفض اعتماد الدولة على النفط، فإن التأكيد على انخفاض عائدات النفط قد يكون مجرد حافز للقادة للتأكيد على أهمية التغيير